حين تقوم
الثورة ويضيع المعنى
كان الخوف هو
الكلمة المسيطرة على الجميع وبلا استثناء ، وكان هذا الخوف موجودا وبشدة وسط من
المثقفين ( أو مدعى الثقافة ) من التيارات المختلفة ، لأنهم قرأوا ولم يتعلموا ،
فهموا ولم يستوعبوا ، كانت القوالب الأيديولوجية عنوانا دائما لهم فى قراءاتهم
فهذا لا يقر إلا لفلان وفلان الذىينتمى لتياره الفكرى وأيديولوجيته وإن شذ أحدهم
قرأ للمتحررين من الفكر الآخر ( طبقا لتصوره ) بعضا مما أعجب فلانا فحكى عنه فشد
انتباهه ، وكل هذا مع احترامى له ينقصه أمر ضرورى كتب عنه كل المفكرين بلا استثناء
، " المجتمع " .
لأن الأفكار
لا تصلح لكل المجتمعات ، كما أن الدراسة المتخصص لا تصلح لكل الأفراد ، فالفروق
بين المجتمعات تكبر وتصغر وما صلح بالأمس لا يصلح اليوم ، وما تناوله من قبلنا يجب
أيضا ان نتناوله نحن من جديد وان ننتبه إليه ونرى أثره عندنا وإمكانية تطبيقه من عدمه او تطبيق جزء مع الدم
بأجزاء اخرى ربما ل نقر بها ولكنها تصلح للمجتمع لطبيعة خاصة به .
وبتطبيق ذلك
على حركة مجتمعنا نجد أنه يمثل كتلة تاريخية وموروث حضارى لا يوجد مثيل له فى
العالم وكتب عنه الكثير – والموروث الحضارى يختلف عن الثقافة فالثقافة تتغير فى
مدد زمنية قصيرة اما الموروث الحضارى فينغرس عبر مئات السنين ولا يتغير تقريبا – وحار
فى أمره البعض .
ومن المميزات
الحضارية لنا هو خاصية ( الهضم ) فشعوبنا تهضم كل وافد إليها فى سلاسة وبساطة سواء
كان طالب علم او مال او حتى غازيا ، فهى تؤثر فيمن يأتى ولا تتأثر إلا بما يوافق
رغباتها ، ولنا فى التاريخ عبرة وعظة .
فقد دخل
البطالمة إلينا وبنوا المعابد وشيدوها وظلوا فى مصر ما ظلوا عبر أحد عشر ملكا
متعاقبين وحروب بلا نهاية وثروات كانت بلا حدود وخرجوا ولم يتكوا من ذلك إلا أبنية
رائعة العمران اما فيما عدا ذلك فلم يتأثر المصريون بشىء ، وعقب عليهم الرومان
وكان ما كان منهم ، حيث كان المصريون فى وقتها ( وما زالوا ) يتبعون الكنيسة
الشرقية وليس كنيسة روما ، وحاول اباطرة روما إرغام دولهم على التوحد خلف كنيسة
واحدة فى حركة سياسية ماكرة خضع لها الجمي باستثناء المصريين لما كانوا يرونه من
مغالطات فى شرائعها ، وظل عصر الإضطهاد الدينى حتى جاء العرب إلى مصر واقتلع
الرومان .
بدخول العرب
لم يدخل الإسلام كما توهم البعض فقد دخل الدين الإسلامى على استحياء وبهدوء قبلها
ولكن لم يكن أنصاره عدد يذكر ، وبعد الحكم العربى بدأ العدد يتزايد ولكن لم يكن
إرغاما ، ولذلك تقبلوه وبأ التحول التدريجى ، مع الحفاظ على ما لديهم حتى ان اللغة
القبطية لم تختف تماما حتى الآن من الأديرة ولم تختف من داخل الشعب إلا منذ مائتى
عام تقريبا .
وخلال ذلك
تعاقب حكم مصر دول مختلفة منها الشيعى ومنها السنى ، وحاول هؤلاء وأولئك التغيير
فى مصر ولكن انتهى الأمر بتغييرهم والإبقاء على مصر ، وما زلنا على المذهب الوسطى
السنى ، لأن مووث الشعب عندنا لم يقبل سواه .
وحتى فى
الاستعمار غير الدينى نجد فرنسا وبريطانيا فى احتللهم لمصر دخلوا وخرجوا أخذنا
منهم المطابع وأساليب الإدارة الحديثة وغيرا وألقينا إليهم بما سوى ذلك .
أيها الناس
كفانا قولا أن مصر ستكون دولة دينية او ليبرالية او علمانية ، أيها المثقفون شعبكم
أكثر وعيا منكم ويختار لنفسه ما يريد ولن يرغمه أيا من يكون ان يكون كما يريد ،
كفاكم تفاخرا وتيها بمصطلحات جوفاء لا يقبلها الناس ولن تؤدى إلى شىء .