الدفاع عن الحدود يستلزم فكرا استراتيجيا
قويا ونظرة واسعة للأحداث الجارية ، فالدول لا تدار بأسلوب الحارات والمصاطب ، والحروب
تدار وفقيا لاسترايجيات تتغير على الدوام ولا تظل ثابتة ، ولمصر النصيب الأعظم فى
تغيير تلك الإستراتيجيات بل والتكتيكات الحربية أيضا ، وللمحارب المصرى ( وليس المقاتل
) الفضل فى تغيير نظرة العالم إلى الحروب والمعارك وإدارتهم .
ولندع مثالا بسيطا يتحدث ، معركة السويس 1956
، كانت تلك المعركة من أعظم معارك القرن ، وعدها بعض المؤرخين علامة فاصلة فى
التارخ الحديث ، وإذا كانت الحرب العالمية الثانية أنهكت أباطرة مثل ألمانيا واليابان
وفرنسا وبريطانيا وأخرجتهم من الصراع العالمى وأدخلت أمريكا والإتحاد السوفييتى ،
فمعركة السويس أخلت فكر القتال المركب أو المعارك اللامنطقية إلى الفهم العالمى
مما نشأ عنه تغييرات جذرية فى الخريطة الكلية للعالم .
فلقد أرست تلك المعركة وما دار فيها مفهوم
القوة الصغيرة مقابل القوة الضخمة المسيطرة وأنه يمكن الصمود بل والإنتصار عليها ،
وهو المبدأ الذى صاغه المفكر الإستراتيجى ( كلاوزفيتس ) فى أحد كتبه وكان مثال السويس ومن بعدها
فيتنام وغيرهم المثال الأوضح على ذلك .
وهذا المبدأ هو الذى حكم كل الصراعات التالية
حتى بين القوى العظمى فى مختلف أنحاء
العالم ، وهو ما رأيناه فى أفغانستان والشيشان ونراه فى فلسطين ، إنه مبدأ ( الحجر
مقابل الدبابة ) إن صح التعبير ، وفى كل الدراسات الحديثة تم اثبات أن الحجر هو
المنتصر فى النهاية .