أصدقائى الأعزاء الكثير من الإعتذار هنـــــــــــــا
************************************************************************************
قهوة عبد الله
من بين مقاهى مصر التى لا يحصرها العدد حفرت قهوة عبد الله مكانها بين صفحات التاريخ بما كتبه عنها العديد من كبار الأدباء والمفكرين بل إن الأمر وصل إلى إصدار كتب كاملة عنها مثل على مقهى الحياة للأستاذ الكبير / سمير سرحان
وكانت قهوة عبدالله مسرحا للعديد من المعارك الأدبية والفكرية فقد اشتملت فى داخلها على العديد من التيارات التى تصل فى اختلافها إلى حد التناقض ، فمثلا كان هناك بعض أساتذة الجامعات الوافدين من البعثات بعد وقوع الحرب فى أوروبا وترأسوا الدعوة إلى الوجودية وخاصة وجودية سارتر والتى كانت أقوى الفلسفات المسيطرة على الغرب فى ذلك الوقت وكان يحمل لوائها عبد الرحمن بدوى ومن بعده محمد القصاص ، ويعادى تلك الدعوة زكريا الحجاوى وأنصاره على أساس إلحاديتها ويعرضون ما يناقضها وهو ما كانوا يسمونه الواقعية الإسلامية المستندة غلى التراث الشعبى الفولكلورى .
ويترصد فى وجههما مندور والقط فى التزامهما بما كان يسمى الواقعية الحديثة على حد تعريف السحرتى بعد أن أصبح من رواد الواقعية المعاصرة .ولم يكن كل هذا لينقص من إحترام كل منهم للأخر وصداقته له .
ومن قهوة عبد عبدالله نشأت العديد من الأعمال الفكرية المعروفة فنتيجة لوجود تيار الشعر الحديث والذى تتشعب بأصحابه إلى عدة منطلقات كان يمثل إحداها محمود حسن إسماعيل بنفثاته الشعرية المتطورة نحو ما سمى بعد ذلك بالشعر الحر ، فى حين تعصب مندور لشعراء المهجر وهو ما أدى إلى إصدار كتابه المعروف عن الشعر المهموس ، وموقف أنور المعداوى بنظريته عن الأداء النفسى فى شعر على محمود طه ، وصرخة السحرتى وتفسيراته للشعر الملتزم الجاد وكتابه لباكر ( الشعر المعاصر على ضوء النقد الحديث ) .
وكانت نهاية قهوة عبدالله مع هدمها لبناء إحدى العمائر فى مكانها .
وعندما ننظر الأن إلى المقاهى ونشاط الشباب بها نجد أنها بعد أن كانت فى الغالب مركزا للإشعاع الثقافى تحولت إلى مرتع لكل ما يندى له الجبين ويخجل منه الإنسان العاقل ، لا أنكر أن هناك محاولات لإحياء النشاط مرة أخرى ولكنها محاولات مزعزعة فى معظمها وتفتقد إلى التوجيه السليم لغياب دور الكتاب واقتصار الأمر على الشباب فقط مما لا يعطى بعدا تعليميا للندوة المنعقدة ، كما أنه وهذا عن تجربة شخصية يجعل المناقشة غير جادة ومحاولة من الشباب لإثبات كل منهم ذاته امام الأخر دون النظر إلى من المخطىء أو المصيب ، كما أن المناقشة تنحرف إلى أمور غير جادة فى معظمها .
فليبدأ كل منا بدعوة أصدقاءه إلى أن نحاول العودة مرة أخرى إلى ذلك التقليد الثرى والأستفادة من أخطاء المحاولات السابقة لعلنا نشهد من جديد نهضة حقيقية لهذا الوطن