الاثنين، 18 فبراير 2013

الحدود 3




معنى الحكم والإدارة أكبر مما يستخدمه الناس فى حياتنا المعاصرة ، فالحكم ليس أن تكون رئيسا لهيئة فتحكمها بل لتديرها ، أما الحكم فهو الإطار العام الذى يصيغ تلك المؤسسة ويشارك فى الحكم كل من بتلك المؤسسة وبلا استثناء وسواء رفض أو قبل بذلك فئة منهم فهو واقع سقط كل من حاول تغييره أو الإلتفاف حوله لأنه غير جائز والتاريخ طويل ، وأدلته أكثر من أن تحصى .

وأما الإدارة فهى منوطة بمجموعة تحت  تعريف معين يختلف باختلاف الهيئة وشروط خاصة تجمع بين الإدارة والمقدرات التى يديرونها ، ويضع الشروط أصحاب العمل ويقبل بها من قبل الإدارة ، ولا تزال العلاقة قائمة ما قام كل منهم بدوره .

وفى مصر توالت علينا إدارات كثيرة وقد اعتقد البعض أنهم حكام طبقا لتعريفات تم إطلاقها ولم يحاسب من أطلقها ، ولكن الحقيقة مغايرة تماما لذلك ، فلم يحكم مصر عبر تاريخها أحد غير شعبها ، وحتى الغزاة الذين قدموا من الخارج لم يستطيعوا أن يحكموها ، فالمعادلة فى مصر بسيطة ، وربما كانت بساطتها هى التى جعلت من تحقيقها مستحيلا ، فشروط العقد أن يوفر من يدير البلاد ما يجعل المصرى متفرغا لهدوءه الذى اكتسبه عبر الزمن وبعد قرون طويلة من الصراعات وصلت به إلى أن يفهم أن الحضارة تبنى فى الهدوء وليس على أسنة الرماح ، وهو على استعداد أن يدفع له ما يرضيه بل ويدافع عنه ويقويه إذا حدث ما يضعفه ، ولكن .. إذا ما حاول أن يكون حاكما ويدير الدولة على هواه فمصيره الإستبدال ، ولنا فى التاريخ أعظم العبر .

الخميس، 14 فبراير 2013

الحدود 2



لقد انتبه ملوك مصر الأقدمين إلى ما تتميز به من خصائص ، وكان لهم نظرة استراتيجية غاية فى العمق حين رسموا حدودها ، ورسم الحدود فن قل أن نجد من يجيده عبر التاريخ ، فكان الحد الشرقى لمصر يبدأ من شاطئ الفرات والحد الغربى يبدأ من قرطاج ( الجزائر وتونس ) أما الحد الجنوبى فكان أثيوبيا والشمال كان البحر بما فيه من أمور وإن لم يمنعهم من التعامل مع جزر قبرص وغيرها .

وكان المصرى القديم يأبى الحرب وما زال الحديث كذلك ولا يبررها إلا فى ظروف خاصة ( ورحم الله القائد الرائع عبد المنعم رياض حين انتبه إلى ذلك ورفض أن يقبل وساطة الروس فى هدنة عام 1968 م وقال : دع الشعب يعرف مذاق الدم  ) فكانت وسيلته لفرض السيطرة والنفوذ عن طريق التبادل التجارى بشكل أساسى وعن طريق العلاقات الإجتماعية والتعليمية وغيرها .

وهذا كان تأمينا استمر لقرون طويلة فاعلا وفعالا وضمن لمصر الفرعونية استقرارا لم يقطعه سوى بعض من منغصات لم تستمر كثيرا ، وحين تنازل المصريون عن تلك المقومات ( معرفة الحدود ، وحمايتها ) كان السقوط المتتالى الذى أدى إلى سقوط الدولة الفرعونية ونهايتها ، وبداية الدول الأخرى التى حاولت إدارة مصر ولم يستطع الكثير منهم أن يفعل لأنهم افتقدوا المقومات الأساسية لذلك .

الثلاثاء، 12 فبراير 2013

الحدود 1


الحدود 1

تنبع فكرة الحدود من فكرة أخرى تسبقها ( الأمان ) ، فحدود الإنسان هو الحيز الذى يشعر فيه بالأمان من أسرة وصحبة وغيرها ، وحدود المنزل ليست جدرانه ولكه الحيز الذى يسمح له أن يشعر بالهدوء والسكينة من جيران ممتدين ولذلك كان حديثى الرسول صلى الله عليه وسلم ( المؤمن للمؤمن كالبنيان .... ) ( ما زال جبريل يوصينى بالجار .... ) .

ولذلك وحين يتحدث أحدهم أن دولة ما يحدها من الشرق والغرب والشمال والجنوب كذا أشعر بالدهشة والتى تتحول سريعا إلى الإستياء حينما يبدأ هذا الفرد فى حساباته كلها بين تلك الحدود وكأنه لا تأثير متبادل بينها وبين ما حولها ، بل وبينها بين البعيدين عنها ممن ترتبط مصالحهم معها ومع جيرانها .

وتتميز مصر إلى جانب تلك الحدود الطبيعية للدول بمكانة خاصة نظرا لموقعها الجغرافى والتاريخي ( وهما منفصلان ويتصلان فى أمور معينة فقط ) يجعل التبادل بينها وبين الكثير من الدول على أشده وربما يكون للعداء النصيب الأكبر من هذا التبادل رغما عن الجميع ، فهى مطمع وهى منيعة فى نفس الوقت ومهما اعتبر البعض أنه قد أخذها أو سيطر عليها أو أصبح مالكا لقرارها أو أى من تلك الأمور ، كانت صدمته المريعة حين يجد نفسه طريحا تحت أقدامها .

أعرف أن البعض ممتعض من تلك الكلمات وربما لم يكمل حتى يصل لتلك النقطة من الأساس نظرا لما يدور فى الساحة مما يظنه البعض نهاية للأحداث وسقوطا فى شرك لا فكاك منه وضياع لمصر وتغييب لشعبها وما إلى ذلك من المفردات المستخدمة والتى تثير لدى من الضحك الكثير والكثير ، ليس سخرية من قائليها ولكن لتكرارها مع ما قيل عدة مرات عبر عصور مختلفة ، إنه التاريخ يا سادة ، فلنعتبر .