الأحد، 17 يونيو 2012

فعل الثورة 4





حين تقوم الثورة ويضيع المعنى

كان الخوف هو الكلمة المسيطرة على الجميع وبلا استثناء ، وكان هذا الخوف موجودا وبشدة وسط من المثقفين ( أو مدعى الثقافة ) من التيارات المختلفة ، لأنهم قرأوا ولم يتعلموا ، فهموا ولم يستوعبوا ، كانت القوالب الأيديولوجية عنوانا دائما لهم فى قراءاتهم فهذا لا يقر إلا لفلان وفلان الذىينتمى لتياره الفكرى وأيديولوجيته وإن شذ أحدهم قرأ للمتحررين من الفكر الآخر ( طبقا لتصوره ) بعضا مما أعجب فلانا فحكى عنه فشد انتباهه ، وكل هذا مع احترامى له ينقصه أمر ضرورى كتب عنه كل المفكرين بلا استثناء ، " المجتمع " .
لأن الأفكار لا تصلح لكل المجتمعات ، كما أن الدراسة المتخصص لا تصلح لكل الأفراد ، فالفروق بين المجتمعات تكبر وتصغر وما صلح بالأمس لا يصلح اليوم ، وما تناوله من قبلنا يجب أيضا ان نتناوله نحن من جديد وان ننتبه إليه ونرى أثره عندنا  وإمكانية تطبيقه من عدمه او تطبيق جزء مع الدم بأجزاء اخرى ربما ل نقر بها ولكنها تصلح للمجتمع لطبيعة خاصة به .
وبتطبيق ذلك على حركة مجتمعنا نجد أنه يمثل كتلة تاريخية وموروث حضارى لا يوجد مثيل له فى العالم وكتب عنه الكثير – والموروث الحضارى يختلف عن الثقافة فالثقافة تتغير فى مدد زمنية قصيرة اما الموروث الحضارى فينغرس عبر مئات السنين ولا يتغير تقريبا – وحار فى أمره البعض .
ومن المميزات الحضارية لنا هو خاصية ( الهضم ) فشعوبنا تهضم كل وافد إليها فى سلاسة وبساطة سواء كان طالب علم او مال او حتى غازيا ، فهى تؤثر فيمن يأتى ولا تتأثر إلا بما يوافق رغباتها ، ولنا فى التاريخ عبرة وعظة .
فقد دخل البطالمة إلينا وبنوا المعابد وشيدوها وظلوا فى مصر ما ظلوا عبر أحد عشر ملكا متعاقبين وحروب بلا نهاية وثروات كانت بلا حدود وخرجوا ولم يتكوا من ذلك إلا أبنية رائعة العمران اما فيما عدا ذلك فلم يتأثر المصريون بشىء ، وعقب عليهم الرومان وكان ما كان منهم ، حيث كان المصريون فى وقتها ( وما زالوا ) يتبعون الكنيسة الشرقية وليس كنيسة روما ، وحاول اباطرة روما إرغام دولهم على التوحد خلف كنيسة واحدة فى حركة سياسية ماكرة خضع لها الجمي باستثناء المصريين لما كانوا يرونه من مغالطات فى شرائعها ، وظل عصر الإضطهاد الدينى حتى جاء العرب إلى مصر واقتلع الرومان .
بدخول العرب لم يدخل الإسلام كما توهم البعض فقد دخل الدين الإسلامى على استحياء وبهدوء قبلها ولكن لم يكن أنصاره عدد يذكر ، وبعد الحكم العربى بدأ العدد يتزايد ولكن لم يكن إرغاما ، ولذلك تقبلوه وبأ التحول التدريجى ، مع الحفاظ على ما لديهم حتى ان اللغة القبطية لم تختف تماما حتى الآن من الأديرة ولم تختف من داخل الشعب إلا منذ مائتى عام تقريبا .
وخلال ذلك تعاقب حكم مصر دول مختلفة منها الشيعى ومنها السنى ، وحاول هؤلاء وأولئك التغيير فى مصر ولكن انتهى الأمر بتغييرهم والإبقاء على مصر ، وما زلنا على المذهب الوسطى السنى ، لأن مووث الشعب عندنا لم يقبل سواه .
وحتى فى الاستعمار غير الدينى نجد فرنسا وبريطانيا فى احتللهم لمصر دخلوا وخرجوا أخذنا منهم المطابع وأساليب الإدارة الحديثة وغيرا وألقينا إليهم بما سوى ذلك .
أيها الناس كفانا قولا أن مصر ستكون دولة دينية او ليبرالية او علمانية ، أيها المثقفون شعبكم أكثر وعيا منكم ويختار لنفسه ما يريد ولن يرغمه أيا من يكون ان يكون كما يريد ، كفاكم تفاخرا وتيها بمصطلحات جوفاء لا يقبلها الناس ولن تؤدى إلى شىء .

الجمعة، 15 يونيو 2012

فعل الثورة 3








عندما يتم يكون الإختيار بين ما لا علاقة له بما نهدف إليه

شاركت مع من شارك فى الإستفتاء على التعديلات الدستورية فى مارس 2011 وكلى حماس بلا حدود أن يكون هذا جزء مؤسس لدولتى التى لطالما حلمت بها ، وقلت ما قلت فى ذلك ، وكان قرارى صائبا من وجهة نظهرى وخرجت وانا فرح بذلك .
وكانت صدمتى بعدها بالإعلان الدستورى والذى خالف كل توقعاتى ، ولم يكن ذلك لأننى كنت انتظر منه سلطات أقل للمجلس الأعلى ولا أن يكون هناك التفاف على رأى فئة لصالح فئة ، ولكن لأننى كنت انتظر منه خطوات ثورية يكون فيها ملامح للإصلاح والهدم الجيد والمنظم لأنظمة الفساد ومؤسساته داخل الدولة ، وإزالة لكل ذلك الركام الموجود من أل بناء جديد وصحى ، ولكن فوجئت بجداول سواء لانتخابات او دستور أو حتى رئاسة .
ووقفت مذهولا ، لا يوجد صندوق يجمع امة وكل سوابق التاريخ تقول بذلك ، الصندوق يفرق الجمع ويورث الشحناء ، وأبسط ما تحتاجه الدولة فى مرحلتها المضطربة هو أن يجتمع أبناؤها ويتحدوا من أجل رفعتها ، والخطوة المنطقية كانت إنشاء كيان الدولة وتتويج المرحلة بالإنتخابات فى نهايتها لاختيار من يديرها وليس ان نختار من يدير دولة لم تنشأ ولا أن نختار من يبنى الدولة فالدولة تبنى بالتكاتف والتوافق .
فالأولوية كانت لإنشاء أجهزة ومجموعات للتطهير ومحاسبة الفاسدين وحكومة انتقالية توافقية تعمل على وضع أسس وأنظمة لبناء الدولة بالتوازى مع ذلك وبالتوازى مع المراحل الأخيرة من ذلك يتم إنشاء لجنة وضع الدستور المنظم لعمل تلك المؤسسات المطهرة او المنشأة ، ثم يتوج كل ذلك فى النهاية بأن يتم إجراء انتخابات نزيهة فى إجرائها ومضمونها تأتى بمن يرى الشعب صلاحيته ليدير الدولة .
ونقف قليلا عند كلمة النزاهة ومضمونها ، لضمان النزاهة كان يجب أيضا اتباع نفس المسار السابق لتجاوز ودحر كل التجاوزات التى حدثت وتحدث وستستمر بالحدوث إلى النهاية ، والتوجيه للناس بالحشد والحشد المضاد والإيحاء بكلمات لا معنى لها مثل الإستقرار والأمن والإقتصاد والعجلة وغيرها مما لم يكن ليكون لو تم اتباع الخط الصحيح للأحداث .
هنا سيكون هناك سؤال ، ولكننا كنا نريد خروج العسكر من المشهد سريعا لعودة الدولة إلى الشكل المدنى والمؤسسات المدنية المسيطرة بعيدا عنهم ، وهنا اسمحوا لى أن أخرج عن السياق وأقول ( تبا لكم وسحقا ) فلو راجعنا التصريحات طوال العام المنصرم لوجدنا أن أول من نادى بذلك هم لواءات المجلس أنفسهم ولم ننتبه ذلك ورددنا ورائهم الكلمات صدى لهم ولم ننتبه أى فخ يوقعوننا فيه وكثرت الكلمات التى كانت تجعلنى دائما أتشاجر مع من يقولها ( هى كرة ملتهبة يريدون التخلص منها ، هى لا يجيدون الحكم ويريدون الهدوء ، هم لم يكونوا مستعدين ، ..... ) وهو ما لم يتفق مع ما كان يحدث ولا حتى مع تصريحاتهم المباشرة ( ليراجع أى منكم حوار منى الشاذلى معهم فى نهاية فبراير 2011 ) والتى تقول صراحة أننا كنا نتوقع ذلك ومستعدين له .
وهو ما جعلنى أفقد الثقة ومن اول لحظات فى كل تلك النخب التى ترى وتسمع ما تريد وليس الحقيقة الواضحة عيانا وجهارا ، وهو ما جعلنى أيضا أقرر ومن تلك اللحظة أن أقاطع كل تلك الإنتخابات التى لن تبنى وطنا أحلم به وحلم به من سبقنا إلى حيث نتمنى ، ولكنها ستشرذمنا وتلقى بنا فى هوات سحيقة الله وحده يعلم بنهايتها  وما ستؤل إليه .
وهذا قادنى إلى استنتاج أن كل هذا توجيه منهم وغباء من نخبتنا ستقودنا إلى ما يريدون ، فهم يضعونك دوما فى خيارات محددة ، داية الإستقرار أو الفوضى ، وبعدها المدنية او العسكرية ، وبعدها لابد من التخلص منهم ، وبعدها وبعدها .... إلى أن وصلنا غلى اليوم ، وكانت الكارثة أن الكل يوافق وينتش تخوين من يرفض وبطاقة أكبر للتفتيت .

ولم يكن هذا داعيا إلى اليأس لأن هناك قوة حركة أعظم يعلمها المجلس ويحسب لها ألف حساب وهى الشعب بفئاته البسيطة التى تدير الدفة وتوجه الدولة بحركتها البسيطة التى لا تحتاج إلى التظاهر والتجمهر ولا حتى إلى الصراخ فقط أن يبنى نبض بداخلهم يقول كذا فينفذ كذا وهو ما تم ملاحظته عدة مرات خلال العام الماضى ، وما زلت أراهن عليهم فى إجهاض كل تلك المحاولات الدؤوب لقتل الحلم .

الأحد، 10 يونيو 2012

فعل الثورة 2


أمل الثورة



عندما تيأس... وتقرر الاستسلام والتوقف...


فاعرف أنك على بعد خطوات من هدفك...


استرح...

فكر في شيء آخر...ثم عاود المحاولة من جديد.

د.ابراهيم الفقى
رحمه الله


ربما لم أتفق معه كثيرا ولا أدرى السبب ولكن كانت دائما كلماته تحمل من المعانى الرائعة ما لم يسعه غيره ، ولتلك الكلمات التى لفتت انتباهى من أول مرة نظرا لتطابقها مع المحتوى الحالى لشعور الكثيرين وخاصة أولئك المحبين لمصر الراجين سلامتها ونهضتها .
لكل القائلين باليأس من الحالة الحالية لمصر أقول تفائلوا وهو ليس قولا عابرا ، ولا أمنية ولكنه قول مبنى على وقائع المرحلة ، لطالما قلت وما زلت أقول أن رهانى الأول هو على الشعب وليس على النخب التى ما زالت جزءا من التفكير القديم وعقليتهم التى لا تواكب الأحداث المتلاحقة ، ولطالما اعترض الناس وأتت الإنتخابات واثبت الشعب أنه مؤيد للفكر الجديد فى مجمله ولكن الفكر اتضح أنه فى مضمونه ليس جديدا وأنه متشرب بالقديم وما زال يتعامل بمنطق المعارض المرحلى الذى لا يعرف للغد خططا ، ولا توجد له استراتيجية مستديمة ولفترة كبيرة  ، ربما يقول قائل والشعب هل يملك ؟ .... ربما مع بعض التحفظ أقول أنه لا يملك الخطة ولكنه يملك الرؤية وإن كان عاجزا عن التعبير عنها لأنه لا يملك الأدوات اللغوية والثقافية لذلك فهو يتحرك ذاتيا للعمل دون الحديث ، بل وربما كان حديثه فى بعض الأحيان عكس ما يتحرك له وقد لاحظنا جميعا ذلك فى العديد من المرات  خلال العام المنصرم .
ولذلك فالأمل موجود ولنر جميعا بقياس حيادى حالنا قبل عام ونصف والآن :-
 قبلها لم يكن ينزل إلى الشوارع سوى بعض الشباب وبعض الحركات السياسية اليوم أغلب الشعب يتحرك فى الشوارع ويصنع التظاهرات ويطالب بالحقوق .
قبلها كان المعتقل أو المسجون او الجريح أو الشهيد نسمع عنه أنه مخرب ولا أحد أو بضع أفراد يتحركون من أجله ، اليوم نجد المياادين تمتلىء لفلان او علان ممكن لا نعرفهم ونطالب بتحريرهم .
قبلها كان الشعب شراذم وأبناء المدينة أو الحى او القرية لا يعرفون بعضهم والكل يلعن فى سره ويشعر بالوحدة فى مواجهة الظلم والآن تكتف الشباب ونزلوا إلى الشوارع للتوعية بالحقوق وإعانة الناس والتضحية بالجهد من أجل الآخرين وعلموا أنهم ليسوا وحدهم بل كثيييير .
قبلها لم نكن دولة
الآن نحن فى الطريق إلى الدولة
ولا يقول لى قائل أن الدولة تضيع لأن مجلس الشعب ليس له انجازات ضخمة وأن الشورى لا قيمة له وأن الرئاسة تضيع وأن الدستور لم يوضع بعد وان  وأن وأن .....
كل هذا هراء هؤلاء يتكالبون على إدارة دولة لم تنشأ وليس بهذا نشأتها الدولة شعب ومؤسسات تنشأ من هذا الشعب لخدمته ودستور ينظم تلك بينهم .
ونحن فى الخطوات الصحيح وإن كانت توحى بعكس ذلك لأن الكل مكبل بتصوره للمرحلة وأولوياتها فهذا يرى المؤسسات أولا وهذا يرى الدستور أولا ، والمنطقى ان الشعب يأتى أولا .
والمشاهد على مدى العام الماضى يجد الشعب بالفعل يتحرك رويدا ( وإن كنا نرى بطئه بسبب حماسنا )  نحو المشاركة والتفاعل بناء الدولة ويعلم متى يعزف عن المشاركة ومتى يشارك بقوة ، وينادى بأولويات له ، أحيانا تتوافق مع أولويات الحركات السياسية ( ونلاحظ أنها فى هذه الحالة تنفذ كاملة رغم أنف السلطة ) أحيانا تختلف ( وهنا خطأ الإنفصال الذى عادة ما يجعل التلبية جزئية ) .
الأمل فى الثورة هم الشباب الذى حركها لأنها حلمه ولكن يبقى أنه لا بد من الحركة المنطقية والمعرفة بمقتضيات الثورة كى لا تصب فى مرحلة الإحباط كما حدث ، وأول تلك المقتضيات معرفة أنه لا توجد ثورة تنتهى او تموت بأيدى حاكم ولكن بضياع الحلم وضبابيته عن شباب الثورة أنفسهم فالثورة  كمصطلح سياسي هي الخروج عن الوضع الراهن وتغييره - سواء إلى وضع أفضل أو اسوأ - باندفاع يحركه عدم الرضا، التطلع إلى الأفضل أو حتى الغضب .
وما دامت حالة عدم الرضا والغضب تتأجج فى النفوس والأعداد الرافضة للتصرفات الحالية تتزايد  وتملأ الميادين حتى لو قلنا أن الهدف ليس حاضرا فى النفوس وليس مخططا لها فالحالة الثورية كفيلة بتصحيح نفسها .
وثانى المقتضيات أن الثورة ( زمن ) فلا ثورة نعلمها تمت فى أيام ولا شهور ولا حتى سنوات قليلة ، فالثورة هى التغيير ولا توجد ثورة لم تواجهها انتكاسة لعدم وضوح الهدف أو آليات تنفيذه لأن الثورة حدث طارئ لا تخطيط له ولغياب عقليات النخبة التى كانت تتحرك لتحل محل السلطة القائمة وتوازن الأمور كانت الضبابية شديدة ، ولكن الزمن كفيل بالتصفية وكفيل أكثر بأن يحيل الحالة الحالية بما فيها إلى انتصار أكبر مع الإصرار .
وثالث المقتضيات معرفة أن الجيل الأول للثورة فى الغالب لا يحكم ولا يدير وإنما يتعب وتكون مشقته فى الهدم وإزالة الركام ليبنى أو يبنى من يأتى بعده بناءا جيدا وهذا يحتاج إلى الصبر والمثابرة والجلد والقوة والشجاعة وكل ما للمحارب من صفات تجعله صلبا فى وجه عدوه .
أمل مصر هو الثورة
وأمل الثورة الشباب
وأمل الشاب بداخلهم